وقف حسن امام المرآه يمشط شعره استعدادا للنزول الى عمله,ولم يحزن كثيرا عندما شاهد شعره بيضاء وحيده تقتحم سواد رأسه، بل اعتبرها ضيف ثقيل جاء يحتفل معه بعيد ميلاده الخامس والثلاثين الذى كانت بدايته اليوم، وعلى الرغم من أنها كانت شعرة واحده الا انها أخذته للماضى بقوه، لمكان ليس ببعيد عن المكان الذى يقف فيه،بل هو نفس المكان امام المرآه، ولكن وهو فى سن العشرين، يوم ان كان شابا،كان لاينظر الى ملامحه فى المرآه بقدر ماكان ينظر الى مستقبله فيها ، كان يمتلك حلمه الخاص الذى لطالما تمناه ،يومها كان يودع مرآته بكلمه واحده
قبل ذهابه الى كليته ،(قادم اليكى ايتها الحياه).............. ، ثم مضت الايام وانتهى حسن من كليته ليجد امامه طريقين لايلتقيان ابدا

مسئوليته تجاه اسرته وخصوصا والده الذى عانى من اجل هذا اليوم كثيرا، كى يصبح رجلا ويساعده
ومسئوليته تجاه حلمه ، امله ،تجاه كل ثانيه من عمره حلم فيها ، تجاه كل فجر جديد تمنى ان يصبح شمسه التى تشرق على الجميع من حوله
ولم يكن هناك بد من الاختيار
فودع حبيبته على مشهد تقسم الشمس انها لم ترى مثله ، وانهمك فى اعمال شاقه يساعد والده ويحمل عنه جزء من اعبائه واحماله.
ومع كل يوم تزيد فيه مسئوليته كانت مساحه اخرى فى حياته تنقص بزيادة المسئوليه،انها مساحة الاحلام
وبدأت احلامه تنقص فى عينه يوما بعد يوم حتى صارت صغيره جدا،بحيث قدرت الدموع ان تحملها خارج جفونه فلا تجد الا الارض لتموت عليها موتة قاسيه ،................................................. .... وهنا تذكر حسن عمله فنزل مسرعا ليلحق بالأتوبيس ، وكان من حسن حظه ان وجد مقعدا خاليافجلس عليه , وراوده شعور غريب بأن الدنيا تحتفل معه بعيد ميلاده بأن وفرت له هذا المقعد ، وقبل ان يسترسل مع هذا الشعور لفت نظره فتاه صغيره تجلس على المقعد الذى امامه مباشرة مع امها.
كانت الصغيره تلهو فى عبث طفولى برىء على صدر امها ، الى ان جاءت فراشه صغيره وجميله تلهو هى الاخرى على نافذة الأتوبيس من الخارج
فمدت الصغيره يدها فى محاوله منها لتمسك بالفراشه الصغيره (التى بدت وكأنها تداعبها) ولكن امها حالت بينها وبين النافذه ،
(كانت لاترى الفراشه) ولكنها كانت تمنع ابنتها فى اصرار ، ومع محاولات الصغيره المستميته تحول شعور حسن من الاهتمام الى الحماس
كان يود ان لو استطاعت الصغيره الامساك بالفراشه ، وكان يتمنى ان لو يستطيع ان ينبه امها الى تلك الفراشه الجميله ، ومع مرور الوقت اخذت الفراشه فى الطيران بعيدا ، فأخذت الصغيره تبكى بشده وتحاول بقوه اكثر ان تمسك بالفراشه ، ولكن امها منعتها مجددا ، وبدات الفراشه تصغر وتصغر فى عين الطفله الى ان اختفت ، فحزن حزن كثيرا
لبكاء الطفله ، كان لايرى بكاء الطفله مجرد دموع بل كان يرى كل دمعه
فراشه صغيره ، تفشل فى الطيران فتسقط على الارض لتموت .
ومع مرور الوقت نزلت الصغيره مع امها وفكر حسن فى حلمها الذى مات
وحانت منه نظرة الى النافذه.......نافذته هوا , كان هناك شعور يصرخ فى اعماقه قائلا( كم انتى قاسية ايتها الحياه)
وفجأه....انتبه الى انعكاس صورته فيها ....فى النافذه وراى الشعره البيضاء كوحش صغير يوشك أن يلتهم ما بقى منه !!!!!
وهناخرجت دمعة وحيده من عينه(التى كان قد اعتقد انها جفت من الدموع)
تلقاها على يده ولم يدعها تسقط لتموت على الارض تلك الموته القاسيه
بل احتوتها راحة يده ليودعها فى صمت
ووضعها على زجاج النافذه!!!!!!!!!!!
وعندما همّ بالنزول من الأتوبيس اراد ان يلقى على دمعته النظره الاخيره..........فلم يجدها!!!!!!!!ولكن........
كانت هناك تلك الفراشه الجميله.
فهل سيرجع اليها ؟ ام سينزل الى عمله ؟

عندى سؤال اخر لماذا وضع دمعته على النافذه؟؟؟؟؟؟

هناك حلم لايراه احد غيرك انه السحر الذى يدفعك للمخاطره بكل شىء من اجل حلم لايراه الاخرون

[center]